السائل : هل يجوز استغابة الكافر والمشركة ؟ وهل يجوز أن يسبهم ؟
الشيخ الألباني رحمه الله : هل يجوز ايش ، الأول ؟
السائل : هل يجوز استغابة الكافر والمشرك ؟ أي نعم ، وهل يجوز أن يسبهم ؟
الشيخ الألباني رحمه الله : يجوز كل ذلك ، لأن الكافر لا حرمة له ، إلا إذا كان يترتب من ذلك مفسدة ، فمثلاً : إذا كان بسبة كافر في وجهه أو بقفاه ، فيبلغه ذلك ، فربما يسب المسلم ويسب دينه ونبيه إلى آخره ، فعند ذلك يحرم سب المسلم للمشرك .
السائل : في الآية : ) لا يمسه إلا المطهرون ( المقصود : بـ ) المطهرون ( المؤمنون أم المتوضئون ؟ وما الحكم من عدم أخذ القرآن للبلاد الكافرة ؟
الشيخ الألباني رحمه الله : المقصود بالآية لا هذا ولا هذا ، وإنما المقصود : هي الملائكة ، وهو إخبار من الله عز وجل عن الملائكة وليس هذا القرآن ، وإنما الذي هو في اللوح المحفوظ ، فهذا المصحف الذي هو في اللوح المحفوظ ) لا يمسه إلا المطهرون ( وهم الملائكة المقربون ، أي : جملة خبرية ، وليست جملة إنشائية ، يعني : تصدر حكماً شرعياً ، الله يتحدث عن الواقع ، أن القرآن يعني الذي هو في الكتاب المكنون يعني اللوح المحفوظ ، هذا ) لا يمسه إلا المطهرون ( وهم الملائكة المقربون ، أما المصحف الذي بين أيدينا ، فهذا يمسه الصالح والطالح والمؤمن والكافر ، فليس يعني ربنا عز وجل بهذه الآية : البشر مطلقاً سواءٌ كانوا صالحين أو طالحين ، وإنما يعني - كما قلنا - : الملائكة المقربين ، أما السفر بالقرآن والمصحف إلى أرض العدو لا يجوز إلا إذا أُمِنَ أن يُمَسَّ بسوءٍ وأن يُهَنْ ، فيجوز حينذاك – إذا أمنا أن يُهان المصحف – يجوز إدخاله إلى أرض الكفار لعلهم – يعني - يتمكنون من قراءته ودراسته .
السائل : جزاك الله خيرا .
الشيخ الألباني رحمه الله : تفضل .
السائل: بالنسبة لقراءة القرآن ومس المصحف للجنب فما حكم ذلك ؟ و الطواف بالبيت كذلك ( كلام غير واضح ) .
الشيخ الألباني رحمه الله : ( كلام غير واضح ) ايش ؟
أحد الحضور مع السائل : والطواف بالبيت .
الشيخ الألباني رحمه الله : والطواف بالبيت ، نعم .
السائل: مس المصحف وقراءة القرآن – يعني – لا هي جزء من آية ولا مثلاً تبرك أو ( كلام غير واضح ) شيء متعمد ، ويمس المصحف ويقرأ .
الشيخ الألباني رحمه الله : نعم .
السائل: فما حكم ذلك كذلك ؟ أفيدونا أفادكم الله .
الشيخ الألباني رحمه الله : بارك الله في الجميع ، نقول : لا شك ، أن ذكر الله تبارك وتعالى له قداسته وله حرمته ، ولذلك فمن المجمع عليه عند علماء المسلمين أن قراءة القرآن على طهارة كاملة ، هو الأفضل وهو اللائق بعظمة كلام الله عز وجل ، وإذا كان قد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أبى أن يتلفظ باسمٍ من أسماء الله عز وجل ألا وهو ( السلام ) إلا على طهارة في الحديث المعروف في السنن ومسند أحمد وغيره : أن رجلاً سلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فما كان منه عليه السلام إلا أنْ بادر إلى الجدار وتوضأ ورد السلام ، وقال : ( إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة ) ، أن نذكر الله لأن ( السلام ) اسم من أسماء الله ، كما أيضاً في الحديث الصحيح في كتاب الأدب المفرد للإمام البخاري من حديث عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( السلام اسمٌ من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم ) ، ( السلام اسمٌ من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم ) ، هذا السلام كره الرسول عليه الصلاة والسلام أن يرده على من سلم عليه إلا على طهارة الظاهر أنه يوجد مسح في الشريط .القرآن وهو غير طاهر سواءً الطهارة الصغرى أو الكبرى ، لعدم وجود دليل يحرِّم على المسلم أن يقرأ القرآن وهو على غير طهارة ، ولكن هذا الحديث فيه حضٌّ واضح جداًّ على أن يقرأ القرآن وهو على طهارةٍ كاملة ، لكن هنا شيء : هذا الحكم وهو الأفضل ( كلام غير واضح ) الأكمل الكامل لا يستطيعه كل مكلفٍ من المسلمين إلا الرجال فقط ، أما النساء فتارةً وتارة ، وآنفاً سمعتم قول الرسول عليه السلام في السيدة عائشة التي حاضت قال لها : ( اصنعي ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي ولا تصلي ) ، فهي إذن لا يُقال لها : توضئي كما نقول للرجل ، لأنها لا تستطيع سمعاً أن تتوضأ ، لا تستطيع شرعاً أن تتطهر ، ولذلك فلها أن تقرأ ما شاءت من القرآن بدون ما نقول : مرجوح وراجح كما نقول بالنسبة للرجل الجنب مثلاً ، نقول : عليه أن يغتسل ، لأنه يستطيع أن يغتسل ، وبذلك يتطهر ، فنقول : الأفضل لك أن تتوضأ ، أما المرأة الحائض أما المرأة النفساء التي يمضي عليها في بعض الأحيان أو في جنسٍ من أجناس النساء أربعون يوماً أو أكثر وهي في حالة النفاس فيُقال لها : لا تقرئي! ، ليس عندنا دليل يمنع المسلم عامةً رجالاً فضلاً عن النساء يمنعهم من قراءة القرآن إلا على طهارة ، والحديث الذي رواه الترمذي في سننه من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يقرأ القرآن حائض ولا جُنُب ) هذا حديثٌ منكر كما يقول إمام السنة أحمد بن حنبل ، لا يصح هذا الحديث ، لو كان صحيحاً وجب الانتهاء إليه ، بالإضافة إلى ضعف هذا الحديث وما قد يكون في الباب من أمثاله من الضعاف ، فأمامنا حديث السيدة عائشة حيث أمرها وأذن لها أن تصنع كل شيءٍ يصنعه الحاج إلا أنها لا تصلي ولا تطوف ، ترى الحاج لا يقرأ القرآن ؟ وإلا هناك موسم لقراءة القرآن ، لأن هناك الفراغ وهناك التوجه من الحاج بِكُلِّيَتِهِ إلى الله تبارك تعالى ، بلا شك يقرأ القرآن ، فإذن هذا الحديث فيه إذنٌ مباشر للمرأة الحائض أن تقرأ القرآن ، فلا يجوز أن نمنع النساء من قراءة القرآن ، بحجة أنها غير طاهر ، لو أن الله منعها كما منعها من الصلاة ، لوقفنا عند هذا المنع وانتهينا ، لكننا نجد الشارع الحكيم قد أوحى إلى الرسول الكريم بالتفريق بين الصلاة وبين أجزاء الصلاة ، لأن بعض الناس يقولون : يا أخي ، القراءة ركن من أركان الصلاة ! فلماذا لا نوجب الطهارة بهذه القراءة وهي جزء من أجزاء الصلاة ؟ فنقول : ليست القراءة فقط هي جزء من أجزاء الصلاة ، فأول ما تُستفتح الصلاة به هو قولنا : ( الله أكبر ) ، فلنقل : إذن ، لا يجوز لمسلمٍ أن يقول : ( الله أكبر ) إلا على طهارة ، لأنها ركن من أركان الصلاة ، كذلك يُقال عن التسبيح والتحميد والتكبير ، إلى آخره ، لا يوجد شيءٌ من ذلك أبداً ، مع الاحتفاظ بما ذكرناه من الأفضل أن يذكر الله على طهارة ، كذلك يُقال تماماً بالنسبة لمس القرآن ، أيضاً مس القرآن يُشرع ، فقد جاءت آثار عن بعض الصحابة أنهم كانوا يمتنعون فعلاً مش فكراً يمتنعون فكراً عن مس القرآن إلا على وضوء ، فهذا فيه بيان لما هو الأفضل لمن يريد أن يمس القرآن أو أن يقرأ القرآن ، أما الإيجاب والقول بأنه يحرم على المرأة غير الطاهر فضلاً عن الرجل أن يمس القرآن ، فهذا لا دليل عليه أبداً ، والناس بلا شك يتوهمون أن هناك أدلة ليست بدليل إطلاقاً ، من ذلك مثلاً ما يشتبه أمره على الكثير من الناس خاصة الذين لهم وَلَه ولهم عناية بتلاوة القرآن حين يقرأ قول الله عز وجل في القرآن : ) لا يمسه إلا المطهرون ( وقد وصل الخطأ في حمل هذه الآية على هذا الموضوع الذي نحن فيه أي : بأن يفسروا قوله عز وجل : ) لا يمسه ( أي : هذا المصحف الذي بأيدينا ، ) إلا المطهرون ( أي : إلا المتوضئون ، وصل هذا الفهم إلى أن يُنشر على كل نسخة تُطبع في العالم الإسلامي من القرآن الكريم : عنوان ) لا يمسه إلا المطهرون ( ، وهذا خطأ يشبه خطأً آخر من حيث الخطأ الفكري العلمي أولاً ثم من حيث نشره وتعميمه للناس ثانياً ، الآية التي تُكتب على المحاريب : ) كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عنها رزقاً ( المحراب يعني طاقة ، هذا كذب ، هذا جهل ، المقصود بالمحراب : هو مكان الصلاة ، ) كلما دخل عليها زكريا المحراب ( يعني : الغرفة التي كانت منعزلة فيها عن الناس تعبد الله عز وجل ، هذا هو المحراب ، وليس المحراب هو هذا الذي أُدْخِلَ إلى المساجد منذ قديم – مع الأسف الشديد – تأثراً بمحاريب الكنائس ، محاريب النصارى في كنائسهم ، وإلا في الإسلام لا يوجد محراب ، مسجد الرسول عليه السلام لم يكن فيه محراب ، وللحافظ المشهور المصري السيوطي – الحافظ السيوطي صاحب ( الجامع الكبير ) و ( الجامع الصغير ) – رسالة يمكن أنا نسيان عنوانها- في هذه اللحظة قام أخ بتذكير الشيخ الألباني رحمه الله بعنوان الرسالة قائلاً : ( إعلام الأريب ببدعة المحاريب ) . أي نعم – ( إعلام الأريب ) وهذا – يعني – بحث قَيِّم جداً ، ينقل هناك نصوصاً لأهل العلم أن وجود المحاريب في المساجد من محدثات الأمور ، الشاهد : الآية السابقة ) لا يمسه إلا المطهرون ( ليس لها علاقة بموضوع مس القرآن الذي هو بين أيدينا ، وهذا له شرح كبير أوجزه بقدر الاستطاعة فأقول : ) لا يمسه ( الضمير هنا يرجع إلى الكتاب المكنون المذكور من قبل ، لأن الله عز وجل يقول - قال أخ محاولاً تذكير الشيخ بالآية : ) إنه لفي كتاب لدينا ( ،
اعترض بعض الحضور وحاول التذكير بالآية .
الشيخ الألباني رحمه الله : لأ ، لأ ، لأ ، لأ ،
قال أخ : ) إنه لقرآن كريم ، في كتاب مكنون ، لا يمسه إلا المطهرون ( .: ) لا يمسه إلا المطهرون ( راجع للكتاب المكنون ، كتابنا هذا – والحمد لله – ليس مكنوناً ، لأنه شو معنى مكنون ؟ يعني مخفي ، محفوظ يعني ، ولا تراه ولا تطوله أيدي الشياطين ، ولذلك للإمام مالك رحمه الله – يعني – فهم جيد ولطيف جداًّ في كتابه الموطأ في تفسير هذه الآية ، حيث يقول : أحسن ما سمعتُ في تفسيرها أنها كالآية التي في سورة عبس ) كلاَّ إنها تذكرة ، فمن شاء ذكره ، في صحفٍ مكرمة ، مرفوعةٍ مطهرة ، بأيدي سفرة ، كرامٍ بررة ( مين هدول السفرة ؟ الملائكة ، هدولا الملائكة هم أنفسهم المقصود أنهم يمسون ، وأن غيرهم لا يمسون ذلك الكتاب المكنون ، هذا قرينة ، وهناك قرائن أخرى ، ومن أقواها : أنه قال تعالى : ) إلا المطهرون ( نحن معشر البشر لا يجوز أنْ نَصِفَ أنفسنا مهما سَمَوْنا وَعَلَوْنا في الصلاح والتقوى بأننا مُطهَّرون ، نحن لسنا مُطهَّرون ، ولا يجوز للإنسان أن يُطهَّر أبداً ، بل نحن مُلَوَّثون والصالح منا من يتكلف فيتطهَّر ، الصالح منا من يتكلف – يعني : يتصنع الطُّهْر – وهذا ليس من شأنه أنه طاهر ، المطهَّرون هم الملائكة الموصفون في القرآن الكريم بقوله عز وجل : ) لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يُؤمرون ( أما البشر فهم الذين عناهم الله عز وجل : ) إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ( كذلك لما ذكر مسجد قباء قال : ) فيه رجالٌ يحبون أن يتطهروا ( فنحن إذا كنا مثلهم فهنيئاً لنا ، يعني نتطهر ، أما مُطهَّرين ، فهيهات هيهات ، فالشاهد من الاستدلال بهذه الآية ، وربطها بهذا الموضوع هذا خطأ شائع ، ومن أحسن من تكلم على هذه الآية بأحسن مما ذكرنا ، ومنه نحن استمددنا ، هو العلامة ابن القيم الجوزية ، في كتابه ( أقسام القرآن ) ، فهناك أفاض و أجاد ، لعل في هذا كفاية إن شاء الله .
السائل : لو سمحت شيخي هالسؤال : ما حكم نتف الحاجبين للتجمل ؟
الشيخ الألباني رحمه الله : [ و بداية الجواب مبتورة ] قال عليه السلام : ( كل خلق الله حسن ) فإذن واحد أو واحدة ، حاجبه أو حاجبها مقرون مع الآخر هذا لا يملكه الإنسان ، هذا خلق الله فيجب أن نرضى بخلق الله كما قال تبارك وتعالى ، ما عم بتذكر الآية ، المهم أنه ربنا عز وجل ، الآن جاءت الآية : ) وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله و تعالى عما يشركون ( هذا الجواب على السؤال الأخير .
السائل: ما حكم الاشتراط في الحج والعمرة : ( اللهم محلي حيث حبستني ) ، وماذا يلزم من يشترط شروطا لإكمال نسكه ؟
الشيخ الألباني رحمه الله : حكم الاشتراط : الجواز ، وثمرته : أنه إذا اشترط في من يريد الحج أو العمرة ثم أصابه شيء منعه من إتمام الحج أو العمرة وهذا يُعرف في لغة الشرع بـ ( الإحصار ) ، فإنْ أُحْصِرْ فما استيسر من الهدي ، هذا أمر واجب ، كل من لم يتمكن من إتمام الحج فعليه الهدي وعليه الحج من العام القابِل ، بخلاف من اشترط في أول إحرامه ، فقال : ( اللهم محلي حيث حبستني ) ، فهو في حل من وجوب إعادة الحج الذي حِيلَ بينه وبينه ، ثم لا يجب عليه الهدي ، بخلاف ما لو لم يشترط ، وهو الذي أراده الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح المعروف عنه ، ألا وهو قوله عليه السلام : ( من كُسِرَ أو مَرِضَ أو عَرَجَ فقد حَلَّ ، و عليه حِجَّة أخرى من قابِل ) ، هذا إذا لم يشترط ، أما إذا اشترط ، فلا شيء عليه إطلاقاً ، مع التنبيه أن الإعادة عليه ولو كان قد حج فريضة أو حجة الإسلام ، فإذا لم يشترط وأُحْصِر ولم يتمكن من متابعة الحج فعليه من قابِل إعادة الحج ولو كان أدى فريضة الحج ، هذا جواب ما سألت .
الشيخ الألباني رحمه الله : [ كلام منفصل عن السابق ] يعني أنت تسأل عن حديث : ( لا يرقون ولا يسترقون ) ، هنا سؤال سألقيه عليكم مع جوابه إن شاء الله بعد أن ألقي كلمة وجيزة حول أدب من آداب المجالس التي أهملها اليوم خاصة الناس فضلاً عن عامتهم ، من هذه الآداب : هو التجمع والتكتل والتقارب في المجلس وعدم التباعد فيه ، وهذا من حِكَم الشريعة في كثيرٍ من أحكامها الظاهرة ، والتي جاء التصريح بها في بعض الأحاديث الصحيحة ، فهناك مثلاً في صحيح مسلم حديث جابر بن سمرة – فيما أذكر – : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : دخل المسجد يوما فرآهم متفرقين حلقات حلقات ، فقال لهم : ( ما لي أراكم عزين ) ، ( ما لي أراكم عزين ) أي : متفرقين ، وأهم من هذا ما يرويه الإمام أحمد في كتابه المسند بالسند القوي عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه ، قال : كنا إذا سافرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونزلنا تفرقنا في الشعاب والوديان ، فسافرنا يوماً ونزلنا كما كنا ننزل ، فقال لهم عليه الصلاة والسلام : ( إنَّ تفرقكم في هذه الشعاب والوديان إنما هو من عمل الشيطان ) قال : فكنا بعد ذلك إذا نزلنا في مكان اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا ، فـ ( شو ) رأيكم إنتم بأه جالسين هنا في سطح ممهد مسهب ، فهذا التفرق ليس من سنة الإسلام ، ولذلك فكلما تضامت الحلقة كلما كانت مشمولة برحمة الله عز وجل وفضله ، وكثير من الناس يجهلون أن هناك ارتباطاً وثيقاً جداً بين ظاهر الإنسان وباطنه ، وهذا الارتباط الوثيق ، مما توافرت كثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الدلالة عليها ، ولعلكم تعلمون العبارة التي تُذكر في كثير من الكتب : الظاهر عنوان الباطن ، وهذا الذي أشار إليه الشاعر قديماً حين قال :
و مهما تكن عند امرئ من خليقةٍ وإنْ خالها تخفى على الناس تعلم
.
فلا بد ما يكون هناك ارتباط بين الظاهر وبين الباطن ، لذلك عـُنـِيَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنايةً بالغةً في إصلاح ظواهر المسلمين فضلاً عن باطنهم ، فهو عليه السلام كما جاء بإصلاح القلوب والبواطن ، كذلك جاء بإصلاح الأجساد و الظواهر معاً ، فليس الأمر فقط كما يقول كثير من الناس : العبرة بما في الباطن ، نعم ، العبرة بما في الباطن ، لكن ذلك لا يستلزم عدم العناية بالظاهر ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام حينما رأى ذلك الرجل أو سمع ذلك الرجل يقول – والرسول عليه السلام يعظ الناس على طاعة الله وإتباع كتابه ، قام ذلك الرجل ليقول له - : ما شاء الله وشئت يا رسول الله ، فغضب عليه السلام غضباً شديداً ، وقال : ( قل : ما شاء الله وحده ) ، ( ما شاء الله وحده ) ، هذا لفظٌ ظاهر ، ظهر من لسان ذلك الصحابي خطأً منه ، لكن هذا الظاهر خلاف باطنه يقيناً ، لأن باطنه كان عامراً بالإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه لما أخطأ في اللفظ لم يسكت الرسول عليه السلام عنه ، بل أصلح له عبارته وقال له : ( قل : ما شاء الله وحده ) ، رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلم يقيناً أن هذا الرجل ما قصد ما دل عليه لفظه ، لفظه دل على أنه جعل الرسول شريكاً مع الله في إرادته تبارك وتعالى ، لكن هذا الصحابي يعلم أن مشيئة الله تبارك وتعالى قبل كل شيء وفوق كل شيء ، لأنه يقرأ في القرآن الكريم : ) وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ( ولا أحد يظن أن ذلك الصحابي يجهل هذه الحقيقة ، لكن أخطأه لسانه ، أخطأه لسانه ، لكن الرسول عليه السلام أصلحه إياه وَدَلَّهُ على ما يقول , قال له : ( قل : ما شاء الله وحده ) ، وفي رواية أخرى : ( ما شاء الله ثم شئت ) ، والأحاديث في هذا الصدد كثيرة ، ولستُ الآن في صدد بيانها ، لأنها كلمة حول التجمع في المجلس وعدم التفرق فيه ، و لكني قبل أن أنهيها أرى نفسي مضطراً أن أذكر بحديث آخر فقط ، لما فيه من الروعة في اهتمام الرسول صلوات الله وسلامه عليه في إصلاح تعابير الناس وظواهرهم ، ألا وهو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لا يقولن أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ) ، ( لا يقولن أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ، ولكن : لَقِسَتْ ) ما معنى : ( لقست ) ؟ في اللغة يساوي : ( خَبُثَتْ ) ، ( لقست ) لغة بمعنى : ( خَبُثَتْ ) ، لكن كلمة : الخبيثة ، خبيثة , فما أرادها الرسول عليه السلام ، أن يتلفظ بها المسلم ، حينما يجد في نفسه شيء من هذه الخباثة بلفظة : ( الخبث ) ، و إنما عدل به عنها إلى لفظة : ( لَقِسَ ) ، وهذه اللفظة بطبيعة الحال وأنتم عرب ، لا تعرفونها ، لكن سيد العرب والعجم هو علمكموها ، وقال : ( لا يقولن أحدكم : خَبُثَتْ نفسي ، ولكن : لقست ) ، هذا في تأدب المسلم مع نفسه ، لأنه مسلم ، فما بالك بالتأدب مع الله ومع نبيه عليه الصلاة والسلام ؟! فبالأحرى أن يتأدب المسلم مع الله ثم مع رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يأتي بعبارة قد تمس مقام النبوة أو مقام الرسالة ، آنفاً ، والسائل ينبغي أن يلاحظ هذا ، سألني سائل بيني وبينه ، قال ، لعله قال : هل يشرع أو هل يجوز أن يقول السامع للأذان إذا قال المؤذن ... . إنتهى