وتعاونوا على البر والتقوى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ( [الرحمن : 19]

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
almalizy
المدير العام
المدير العام
almalizy


عدد الرسائل : 89
تاريخ التسجيل : 07/11/2007

بطاقة الشخصية
مزاجي: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ( [الرحمن : 19] Empty
مُساهمةموضوع: ) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ( [الرحمن : 19]   ) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ( [الرحمن : 19] Empty07/01/10, 09:07 pm


) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ( [الرحمن : 19]
[محاضرة للشيخ الزنداني]
لقد توصل علماء البحار بعد تقدم العلوم في هذا العصر، إلى اكتشاف الحاجز بين البحرين ، فوجدوا أن هناك برزخاً يفصل بين كل بحرين ، ويتحرك بينهما ويسميه علماء البحار الجبهة تشبيهاً له بالجبهة التي تفصل بين جيشين .
وبوجود هذا البرزخ يحافظ كل بحر على خصائصه التي قدرها الله له ، ويكون مناسباً لما فيه من كائنات حية تعيش في تلك البيئة . ومع وجود هذا البرزخ فإن البحرين المتجاورين يختلطان اختلاطاً بطيئاً ، يجعل القدر الذي يعبر من بحر إلى بحر آخر يكتسب خصائص البحر الذي ينتقل إليه عن طريق البرزخ الذي يقوم بعملية التقليب للمياه العابرة من بحرٍ إلى بحر ليبقى كل بحرٍ محافظاً على خصائصه .
تدرج العلم البشري لمعرفة حقائق اختلاف مياه البحار وما بينها من حواجز :

• اكتشف علماء البحار أن هناك اختلافاً بين عينات مائية أخذت من البحار المختلفة في عام 1284هـ - 1873م على يد البعثة العلمية البحرية الإنجليزية في رحلة تشالنجر ،
فعرف الإنسان أن المياه في البحار تختلف في تركيبها عن بعضها من حيث درجة الملوحة، ودرجة الحرارة ، ومقادير الكثافة ، وأنواع الأحياء المائية ، ولقد كان اكتشاف هذه المعلومة بعد رحلة علمية استمرت ثلاثة أعوام ، جابت جميع بحار العالم . وقد جمعت الرحلة معلومات من 362 محطة مخصصة لدراسة خصائص المحيطات . وملئت تقارير الرحلة 29.500 صفحة في خمسين مجلداً استغرق إكمالها 23 عاماً . وإضافة إلى كون الرحلة أحد أعظم منجزات الاستكشاف العلمي فإنها أظهرت كذلك ضآلة ما كان يعرفه الإنسان عن البحر) .
• بعد عام 1933م قامت رحلة علمية أخرى أمريكية في خليج المكسيك ، ونشرت مئات المحطات البحرية، لدراسة خصائص البحار، فوجدت أن عدداً كبيراً من هذه المحطات تعطي معلومات موحدة عن خصائص الماء في تلك المنطقة ، من حيث الملوحة والكثافة والحرارة والأحياء المائية وقابلية ذوبان الأكسجين في الماء ، بينما أعطت بقية المحطات معلومات موحدة أخرى عن مناطق أخرى، مما جعل علماء البحار يستنبطون وجود بحرين متمايزين في الصفات لا مجرد عينات محدودة كما علم من رحلة تشالنجر .
• وأقام الإنسان مئات المحطات البحرية لدراسة خصائص البحار المختلفة، فقرر العلماء أن الاختلاف في هذه الخصائص يميز مياه البحار المختلفة بعضها عن بعض ،
لكن لماذا لا تمتزج البحار وتتجانس رغم تأثير قوتي المد والجزر التي تحرك مياه البحار مرتين كل يوم ، وتجعل البحار في حالة ذهاب وإياب ، واختلاط واضطراب ، إلى جانب العوامل الأخرى التي تجعل مياه البحر متحركة مضطربة على الدوام مثل الموجات السطحية والداخلية والتيارات المائية والبحرية ؟
ولأول مرة يظهر الجواب على صفحات الكتب العلمية في عام1361هـ-1942م . فقد أسفرت الدراسات الواسعة لخصائص البحار عن اكتشاف حواجز مائية تفصل بين البحار الملتقية ، وتحافظ على الخصائص المميزة لكل بحر من حيث الكثافة والملوحة ، والأحياء المائية ، والحرارة ، وقابلية ذوبان الأوكسجين في الماء
وبعد عام 1962م عرف دور الحواجز البحرية في تهذيب خصائص الكتل العابرة من بحر إلى بحر لمنع طغيان أحد البحرين على الآخر فيحدث الاختلاط بين البحار الملحة ، مع محافظة كل بحر على خصائصه وحدوده المحدودة بوجود تلك الحواجز .
ويبين الشكل التالي حدود مياه البحر الأبيض المتوسط الساخنة والملحة ، عند دخولها في المحيط الأطلسي ذي المياه الباردة والأقل ملوحة منها . [تعذر إرفاقه ].
• وأخيراً تمكن الإنسان من تصوير هذه الحواجز المتحركة المتعرجة بين البحار الملحة عن طريق تقنية خاصة بالتصوير الحراري بواسطة الأقمار الصناعية ، والتي تبين أن مياه البحار وإن بدت جسماً واحداً ، إلا أن هناك فروقاً كبيرة بين الكتل المائية للبحار المختلفة ، تظهر بألوان مختلفة تبعاً لاختلافها في درجة الحرارة .
وفي دراسة ميدانية للمقارنة بين مياه خليج عمان والخليج العربي بالأرقام والحسابات والتحليل الكيمائي، تبين اختلاف كل منهما عن الآخر من الناحية الكيميائية والنباتات السائدة في كل منهما ووجود البرزخ الحاجز بينهما .
وقد تطلب الوصول إلى حقيقة وجود الحواجز بين الكتل البحرية ، وعملها في حفظ خصائص كل بحر قرابة مائة عام من البحث والدراسة ، اشترك فيها المئات من الباحثين، واستخدم فيها الكثير من الأجهزة ووسائل البحث العلمي الدقيقة . بينما جلى القرآن الكريم هذه الحقيقة قبل أربعة عشر قرناً ، قال تَعَالَى : ) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ( [الرحمن : 19-22 ].
وقال تَعَالَى : ) وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ( [سُوْرَةُ النَّمْلِ :61] .
المعاني اللغوية وأقوال المفسرين :
مرج : قال ابن فارس : مرج : الميم والراء والجيم أصل صحيح يدل على مجيء وذهابٍ واضطراب، ومرج الخاتم في الإصبع : قلق ، وقياس الباب كله منه ومرجت أمانات القوم وعهودهم : اضطربت واختلطت، والمَرْج : أصله أرض ذات نبات تمرج فيها الدواب البحرين : قال ابن فارس: الباء والحاء والراء، قال الخليل: سمي البحر بحراً لاستبحاره وهو انبساطه وسعته... ويقال للماء إذا غلظ بعد عذوبته استبحر، وماء بحري أي مالح
وقال الأصفهاني : وقال بعضهم : البحر يقال في الأصل للماء المالح دون العذب
وقال ابن منظور : وقد غلب على المالح حتى قلّ في العذب.فإذا أطلق البحر دل على البحر المالح، وإذا قيد دل على ما قيد به. والقرآن يستعمل لفظ الأنهار للدلالة على المياه العذبة الكثيرة الجارية.ويستعمل لفظ البحر ليدل على البحر المالح قال تعالى?) وَسَخَّرَ لَكُمُ الفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي البَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ ( [إبراهيم : 32] وكذلك يستعمل لفظ البحر في الحديث للدلالة على الماء الملح،{ فقد سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يا رسول الله إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ؟فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ}
البرزخ : هو الحاجز : وقد ذهب أكثر المفسرين إلى أنه لا يرى . البغي : قال ابن منظور: وأصل البغي مجاوزة الحد ، وبمثله قال الجوهري والأصفهاني. المرجان : قال ابن الجوزي : وحكى القاضي أبو يعلي أن المرجان ضرب من اللؤلؤ كالقضبان وروي عن الزجاج قوله : المرجان أبيض شديد البياض. وقال ابن مسعود : المرجان الخرز الأحمر . ونقل أبو حيان( عن بعضهم أن المرجان هو الحجر الأحمر).
وقال القرطبي وقيل المرجان عظام اللؤلؤ وكباره ، قاله علي وابن عباس رضي الله عنهما، واللؤلؤ صغاره، وعنهما أيضاً بالعكس أن اللؤلؤ كبار اللؤلؤ والمرجان صغاره وقاله الضحاك وقتادة.
وقال الألوسي : وأظن أنه إن اعتبر في اللؤلؤ معنى التلألؤ واللمعان ،
وفي المرجان معنى المرج والاختلاط فالأوفق لذلك ما قيل ثانياً فيهم . أي أن اللؤلؤ ما عظم منه والمرجان اللؤلؤ الصغار .
والحاصل أن المرجان نوع من الزينة يكون بألوان مختلفة بيضاء وحمراء، ويكون كبيراً وصغيراً، وهو حجر يكون كالقضبان، وقد يكون صغيراً كاللؤلؤ أو الخرز ، وهو في الآية غير اللؤلؤ، وحرف العطف بينها يقتضي المغايرة . هذا والمرجان لا يوجد إلا في البحار الملحة.
والآيات ترينا دقائق الأسرار التي كشف عنها اليوم علم البحار ، فهي تصف اللقاء بين البحار الملحة ودليل ذلك مايلي:
أولاً : لقد أطلقت الآية لفظ البحرين بدون قيد ، فدل ذلك على أن البحرين ملحان .
ثانياً : بينت الآيات في سورة الرحمن أن البحرين يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان، وقد تبين أن المرجان لا يكون إلا في البحار الملحة، فدل ذلك على أن الآية تتحدث عن بحرين ملحين، قال تعالى : ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَان ) أي يخرج من كل منهما .
فمن الذي كان يعلم أن البحار الملحة تتمايز فيما بينها رغم اتحادها في الأوصاف الظاهرة التي تدركها الأبصار والحواس، فكلها ملحة ، زرقاء ، ذات أمواج ، وفيها الأسماك وغيرها وكيف تتمايز وهي تلتقي مع بعضها ؟
والمعروف أن المياه إذا اختلطت في إناء واحد تجانست ، فكيف وعوامل المزج في البحار كثيرة من مد وجزر وأمواج وتيارات وأعاصير ؟ والآية تذكر اللقاء بين بحرين ملحين يختلف كل منهما عن الآخر، إذ لو كان البحران لا يختلف أحدهما عن الآخر لكانا بحراً واحداً ، ولكن التفريق بينهما في اللفظ القرآني دال على اختلافٍ بينهما مع كونهما ملحين . و ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) أي أن البحرين مختلطان، وهما في حالة ذهاب وإياب واختلاط واضطراب في منطقة الالتقاء، كما تدل اللغة على ذلك بلفظ مرج ، وهذا ما كشفه العلم من وصف لحال البرزخ الذي يكون متعرجاً ومتنقلاً في الفصول المختلفة بسبب المد والجزر والرياح .
ومن يسمع هذه الآية فقط ، يتصور أن امتزاجاً واختلاطاً كبيراً يحدث بين هذه البحار يفقدها خصائصها المميزة لها ، ولكن العليم الخبير يقرر في الآية بعدها ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) أي ومع حالة الاختلاط والاضطراب هذه التي توجد في البحار، فإن حاجزاً يحجز بينهما يمنع كلاً منهما أن يطغى ويتجاوز حده .
وهذا ما شاهده الإنسان بعدما تقدم في علومه وأجهزته ، فقد وجد ماء ثالثاً حاجزاً بين البحرين يختلف في خصائصه عن خصائص كل منهما .
ومع وجود البرزخ فإن ماء البحرين المتجاورين يختلط ببطء شديد، ولكن دون أن يبغي أحد البحرين على الآخر بخصائصه؛ لأن البرزخ منطقة تقلب فيها المياه العابرة من بحر إلى آخر لتكتسب المياه المنتقلة بالتدريج صفات البحر الذي ستدخل إليه ، وتفقد صفات البحر الذي جاءت منه وبهذا لا يبغي بحر على بحر آخر بخصائصه ، مع أنهما يختلطان أثناء اللقاء ، وصدق الله القائل ) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ ( [الرحمن : 19-20]
ولقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن الحاجز الذي يفصل بين البحرين المذكورين هو حاجز من قدرة الله لا يرى ) .
وقد أشكل على بعض المفسرين الجمع بين اختلاط مياه البحار مع وجود البرزخ، إذ أن وجود البرزخ الحاجز يقتضي منع الاختلاط، وذكر الاختلاط مرج يقتضي عدم وجود البرزخ ، وقد زال الإشكال اليوم باكتشاف أسرار البحر على حقائقها .
أوجه الإعجاز في الآيات السابقة :
مما سبق يتبين :
1- أن القرآن الكريم الذي أنزل قبل أكثر من 1400سنة قد تضمن معلومات دقيقة عن ظواهر بحرية لم تكتشف إلا حديثاً بواسطة الأجهزة المتطورة، ومن هذه المعلومات وجود حواجز مائية بين البحار، قال تعالى: ) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ ( [الرحمن : 19-20]
2- يشهد التطور التاريخي في سير علوم البحار بعدم وجود معلومات دقيقة عن البحار وبخاصة قبل رحلة تشالنجر عام 1873م فضلاً عن وقت نزول القرآن قبل ألف وأربعمائة سنة الذي نزل على نبيٍ أمي عاش في بيئة صحراوية ولم يركب البحر.
3- كما أن علوم البحار لم تتقدم إلا في القرنين الأخيرين وخاصة في النصف الأخير من القرن العشرين. وقبل ذلك كان البحر مجهولاً مخيفاً تكثر عنه الأساطير والخرافات ، وكل ما يهتم به راكبوه هو السلامة والاهتداء إلى الطريق الصحيح أثناء رحلاتهم الطويلة ، وما عرف الإنسان أن البحار الملحة بحار مختلفة إلا في الثلاثينات من هذا القرن، بعد أن أقام الدارسون آلاف المحطات البحرية لتحليل عينات من مياه البحار ، وقاسوا في كل منها الفروق في درجات الحرارة ، ونسبة الملوحة ، ومقدار الكثافة، ومقدار ذوبان الأوكسجين في مياه البحار في كل المحطات فأدركوا بعدئذٍ أن البحار الملحة متنوعة.
4- وما عرف الإنسان البرزخ الذي يفصل بين البحار الملحة، إلا بعد أن أقام محطات الدراسة البحرية المشار إليها ، وبعد أن قضى وقتاً طويلاً في تتبع وجود هذه البرازخ المتعرجة المتحركة، التي تتغير في موقعها الجغرافي بتغير فصول العام.
5- وما عرف الإنسان أن مائي البحرين منفصلان عن بعضهما بالحاجز المائي، ومختلطان في نفس الوقت إلا بعد أن عكف يدرس بأجهزته وسفنه حركة المياه في مناطق الالتقاء بين البحار، وقام بتحليل تلك الكتل المائية في تلك المناطق.
6- وما قرر الإنسان هذه القاعدة على كل البحار التي تلتقي إلا بعد استقصاء ومسح علمي واسع لهذه الظاهرة التي تحدث بين كل بحرين في كل بحار الأرض .
• فهل كان يملك رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المحطات البحرية ، وأجهزة تحليل كتل المياه ، والقدرة على تتبع حركة الكتل المائية المتنوعة ؟ .
• وهل قام بعملية مسح شاملة ، وهو الذي لم يركب البحر قط ، وعاش في زمن كانت الأساطير هي الغالبة على تفكير الإنسان وخاصة في ميدان البحار ؟
• وهل تيسر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في زمنه من أبحاث وآلات ودراسات ما تيسر لعلماء البحار في عصرنا الذين اكتشفوا تلك الأسرار بالبحث والدراسة ؟
• إن هذا العلم الذي نزل به القرآن يتضمن وصفاً لأدق الأسرار في زمنٍ يستحيل على البشر فيه معرفتها ليدلُ على مصدره الإلهي،كما قال تَعَالَى : ) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ( [الفرقان: 6] .
• كما يدل على أن الذي أنزل عليه الكتاب رسول يوحى إليه وصدق الله القائل ) سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( [فصلت : 53 ] .
.
البرزخ : (من محاضرة للشيخ الزنداني) :
قال تعالى: () مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ ( [الرحمن : 19-20] هذه الآية من سورة الرحمن ، ذكرت اللقاء بين البحر الملح والبحر الملح ، فقالت ) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ ( [الرحمن : 19-20] وهذا هو الواقع وهذا الذي اكتشف الآن .
فقد وجدوا أن البحرين الملحين يلتقيان مثل البحر الأبيض والمحيط الأطلسي و مثل البحر الأحمر وخليج عدن ،
بل في المحيط الواحد بحران مختلفان وتمكنوا من تصوريهم بالأقمار الصناعية، وهو في محيط واحد وبينهم حدود وبينهم برزخ ، ومع كون هذه الحدود موجودة فالمياه البحار تختلط بعضها مع بعض ، ودور البرزخ أن يهذب الكتل المائية العابرة من بحر إلى بحر ليكسبه خصائص البحر الذي سيدخل إليه، فهذا ثبت وتحقق وأصبح معلوماً عند علماء البحار ) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ ( [الرحمن : 19-20] أي بينهما برزخ يمنع طغيان أحد البحرين بخصائصه على خصائص البحر الآخر.
وقال تعالى : ) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ( [الفرقان : 53]
لكن الآية هذه التي تتكلم عن لقاء البحر بالنهر وصفت اللقاء هذا وصفاً زائداً على الوصف للقاء بين بحر ملح وبحر ملح آخر، كيف هذا ؟ قال تَعَالَى : ) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ( [الفرقان : 53] هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً) ، (وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً ) فإذن بين البحر والبحر برزخ فقط ،
لكن بين البحر والنهر برزخ وحجر محجور ، أنا بحثت هذا مع أساتذة البحار، عن هذه الزيادة ؟ الحجر المحجور، فقالوا أما البرزخ فهو موجود، إذا سقط النهر أو نزل النهر على البحر ولو كان من شلالات فلابد أن يتكون منطقة تسمى منطقة المصب وحولها حاجز هذا هو البرزخ، طيب وحجر محجور، حجر في اللغة يعني مكان حبس، يعني ويحبس فيه المتحرك، ومحجور يعني ممنوع دخول متحرك، فهي مسألة تتعلق بمتحركات أي بكائنات حية، وجدوا عند منطقة المصب لا هي ملحة كالبحر ولا هي عذبة كالنهر، فلذلك لها أسماك متخصصة بها كما أن للبحر أسماك متخصصة به وللنهر أسماك متخصصة به، ولو دخلت الأسماك الموجودة في البحر إلى المصب تموت ولو دخلت الأسماك الموجودة في النهر إلى المصب تموت، ولو خرجت الأسماك الموجودة في المصب إلى البحر وإلى النهر تموت، فإذن منطقة المصب منطقة حجر يعني حبس على ما فيه من الكائنات ومحجورة على ما بخارجه من كائنات البحر والنهر فهو حجر على ما فيه من الكائنات، محجور على ما يقع خارجه في البحر والنهر من الكائنات، فانظر كيف؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدلالة العلمية للآية الكريمة
بقلم الدكتور : زغلول النجار
تطلق لفظة‏(‏ البحر‏)‏ في اللغة العربية علي كل من النهر ذي الماء العذب‏,‏ والبحر ذي الماء المالح ‏;‏ ولولا أن الله تَعَالَى قد صمم الأنهار لتفيض من تضاريس القارات المرتفعة فوق مستوي سطح البحر فتلقي بمائها العذب وبماتحمله من رسوبيات في هذا الخضم المالح‏,‏ ولولا هذا النظام المحكم والمبهر في ترتيب مستويات كل من اليابسة وقيعان البحار والمحيطات لطغي ماء البحر المالح علي اليابسة بما فيها من ماء عذب‏,‏ وأفسدها إفسادا كاملا‏,‏ ودمر كل صور الحياة فيها‏;‏ وليس هذا من قبيل الخيال العلمي‏,‏ فقد مرت علي الأرض فترات عديدة طغت البحار فيها علي اليابسة إلي مسافات تزيد علي حدودها الحالية بمئات من الكيلو مترات‏,‏ وذلك بارتفاع منسوب الماء في البحار والمحيطات‏,‏ بل إن الأرض قد بدأت بمحيط غامر غمرا كاملا لسطحها‏,‏ ثم بدأت اليابسة في التكون بفعل الأنشطة البركانية المندفعة من قاع ذلك المحيط الغامر علي هيئة جزيرة بركانية ظلت تنمو حتي كونت القارة الأم‏,‏ التي بدأت في التفتت إلي مكوناتها الحالية من القارات السبع منذ نحو مائتي مليون سنة مضت‏..‏
ومع استمرار نشاط الحركات الداخلية للأرض‏,‏ وانعكاس ذلك علي تحرك ألواح غلافها الصخري‏,‏ وما صاحبه من هزات أرضية‏,‏ وثورات بركانية ومتداخلات نارية‏,‏ تكونت السلاسل الجبلية التي أعطت سطح الأرض تضاريسه الشامخة‏,‏ ولولا تلك التضاريس ما كان من الممكن فصل الماء العذب عن الماء المالح أبدا‏..‏
ومع دورة الماء حول الأرض ـالتي تحركها بتدبير من الله‏ تَعَالَىكل من حرارة الشمس‏,‏ وتصريف الرياح‏,‏ وإزجاء السحب‏,‏ والتأليف بينها‏,‏ وبسطها أو ركمها‏,‏ وتكثف قطرات الماء فيها‏,‏ وإنزال المطر أو البرد أو الثلج منها بإذن الله‏,‏ وحيثما شاء وبالقدر المقسوم ـ تشكل سطح الأرض‏,‏ وشقت الفجاج والسبل‏,‏ وسالت الأنهار والجداول‏,‏ وتدفق الماء في الأودية‏,‏ ودارت دورات عديدة علي سطح الأرض‏,‏ ولولا ذلك لفسد ماء الأرض منذ اللحظة الأولي لخروجه من داخلها‏..‏
دورة الماء حول الأرض :
تبخر أشعة الشمس سنويا بتقدير من الله تَعَالَى‏ ما مجموعه‏ (380.000)‏ كيلو متر مكعب من الماء .
فمن أسطح كل من البحار والمحيطات‏ (320.000‏ كيلو متر مكعب‏) ,‏ ومن اليابسة بما عليها من مسطحات مائية وجليد‏‏ وكائنات‏ (60.000‏ كيلو متر مكعب‏) ,‏
وهذا القدر من بخار الماء يتكثف في نطاق التغيرات المناخية (‏ نطاق الرجع ‏)‏ الذي يشكل الجزء السفلي من الغلاف الغازي للأرض فيعود إليها مطرا أو ثلجا أو بردا‏ (284.000‏ كم‏3‏ منها تنزل علي البحار والمحيطات‏ ,‏ و‏96.000‏كم‏3‏ تنزل علي اليابسة‏)‏ .
والفارق وقدره‏ (36.000‏ كم‏3)‏ من الماء يفيض من اليابسة إلي البحار والمحيطات سنويا حاملا معه ملايين الأطنان من الأملاح وفتات الصخور‏,‏ وبذلك تكون الأنهار من وسائط النقل الرئيسية التي تنقل نواتج كل من عمليات التجوية والتحات والتعرية من اليابسة إلي أحواض البحار والمحيطات حيث تترسب الرواسب بتتابعات سميكة تتجمع فوق كل من الرصيف القاري وقيعان المحيطات العميقة‏,‏ كما قد تتجمع فوق قيعان البحيرات‏ .‏
وجزء من هذه الرواسب يترسب علي طول مجري النهر بفعل عدد من العمليات النهرية‏ .‏
تكون دالات الأنهار
تتكون دالات الأنهار‏,‏ والرواسب الدلتاوية نتيجة التفاعل بين كل من العمليات النهرية والعمليات الساحلية‏..‏
ولكل نهر حوض لتصريف مائه يعرف باسم حوض المصرف‏
(
DrainageBasin)
أو منطقة اصطياد المطر ‏(
CatchmentArea)
أو منطقة المجري ويمر النظام النهري بمراحل من الشباب‏,‏ والنضج‏,‏ والشيخوخة‏,‏ ويرسب قدرا من حمولته في مجراه بما يعرف باسم مجموعة رواسب القناة ‏(
ChannelDeposits)
ورواسب الشرف النهرية ‏(
LeveeDeposits)
ورواسب سهل الفيضان أو الرقة ‏(
FloodPlainDeposits)
ورواسب المستنقعات ‏(
SwampDeposits)
وتجمع كلها تحت مسمي رواسب فوق الضفة ‏(
OverbankDeposits)..‏
وعموما تتجمع رسوبيات الدلتا فوق الأرصفة القارية الضحلة الواسعة عند التقاء ماء النهر بماء البحر‏,‏ وتنتج عن ذلك التجمع رواسب علي هيئة مخروطية تتكون أساسا مما يحمله النهر ويلقي به عند مصبه في البحر فيترسب جزء منه فوق اليابسة ويتجمع الباقي تحت سطح الماء‏..‏
وتعتبر دلتا النهر وسطا انتقاليا بين ماء النهر العذب‏,‏ وماء البحر المالح‏,‏ وتحتوي عددا كبيرا من بيئات الترسيب المتباينة التي يتجاوز عددها الإثنتي عشرة بيئة‏..‏
وكلما كانت كمية الرسوبيات التي يلقيها النهر عند مصبه أكبر من قدرة كل من تيارات المد والجزر‏,‏ والأمواج والتيارات البحرية الموازية للشاطئ علي إزالته‏;‏ وتلعب التراكيب الجيولوجية الكبيرة‏(‏ من مثل حركة ألواح الغلاف الصخري للأرض‏)‏ دورا بارزا في ذلك‏ .‏
عوامل تحكم نشاط النهر علي منطقة مصبه :
عند مصبات الأنهار عادة ما يضعف أثر كل من ظاهرتي المد والجزر‏,‏ وشدة الأمواج والتيارات البحرية فتسود قوي ثلاث أخري هي‏:‏ القصور الذاتي‏(‏ أو قوة واستمرارية تدفق تيار الماء في النهر‏) ,‏ وقدر الاحتكاك بالرسوبيات في قاع مجري النهر‏,‏ وطفو الماء العذب فوق سطح الماء المالح‏ .‏
وتبقي عوامل أخري مساعدة من مثل معدلات تدفق الماء وسرعة تياره‏,‏ وعمق الماء في مجري النهر‏,‏ وكتلة الرسوبيات التي يحملها ماء النهر‏.‏ ففي ظل زيادة سرعة تدفق تيار الماء في مجري النهر‏,‏ وعمق الحوض البحري الذي يصب فيه‏,‏ وتدني الفارق في كثافة الماءين الملتقيين يسود القصور الذاتي فيندفع ماء النهر إلي البحر بشدة علي هيئة نفاثات دوارة تعزل ماء النهر عن ماء البحر وتؤخر اختلاطهما وامتزاجهما حتي تضعف معدلات تدفق الماء فيبدأ الامتزاج علي حواف كتلة الماء العذب مكونا ماء قليل الملوحة يفصل ماء النهر عن ماء البحر باستمرار‏..‏
وفي كثير من الأنهار يؤدي نقل كميات كبيرة من نواتج عمليات التعرية علي هيئة الرسوبيات المحمولة مع ماء النهر إلي ترسيبها في منطقة مصبه مما يرفع منسوب قاع منطقة المصب ويجعل سمك الماء فيها قليلا خاصة في المنطقة بعد المصب مباشرة مما يؤدي إلي جعلها أعلي من منسوب قاع مجري النهر‏,‏ وتظل هذه المنطقة تنمو باستمرار نتيجة لاندفاع الماء من النهر علي هيئة تيار نفاث يحتك بالرسوبيات المتجمعة فوق قاعه‏ .‏ وفي منطقة مصبه حتي يبني برزخا من تلك الرسوبيات عموديا علي اتجاه تدفق النهر فيحول دون امتزاج مائه مع ماء البحر امتزاجا كاملا لوجود هذا البرزخ من الرسوبيات ولتكون ماء قليل الملوحة علي حواف طبقة الماء العذب الرقيقة الطافية فوق الماء المالح‏..‏
ويؤدي بناء هذا البرزخ الرسوبي إلي تفرع مجري النهر إلي فرعين ‏(‏ أو أكثر‏)‏ كل واحد منهما علي جانبي البرزخ نظرا لتباطؤ تدفق الماء نتيجة لضحالة المجري وشدة احتكاك الماء بقاعه في أثناء جريانه‏;‏ وقد يؤدي ذلك إلي زيادة نمو البرزخ علي هيئة حاجزوسطي كبير أو تكرار ترسب أعداد من تلك البرازخ‏..‏
ولما كانت كثافة الماء العذب‏ (‏ في حدود جرام واحد‏/‏ سم‏3)‏ أقل من كثافة الماء المالح‏ (‏ في حدود‏1.026‏ إلي‏1.028‏ جرام‏/‏ سم‏3)‏ فإن الماء العذب يطفو فوق سطح الماء المالح علي الرغم مما يحمله من رسوبيات‏,‏ ويسمي هذا التدفق المائي باسم التدفق المتباين الكثافة‏..‏
ويظل الماء العذب طافيا فوق الماء المالح حتي تتمكن كل من تيارات المد والجزر‏,‏ والأمواج والتيارات البحرية من المزج بين حواف هذه الطبقة الرقيقة من الماء العذب والماء المالح مكونة ماء قليل الملوحة يفصل بينهما‏,‏ وهنا يتأثر تدفق الماء العذب بكل من قوة الاستمرار في الاندفاع‏(‏ القصور الذاتي‏),‏ وشدة الاحتكاك بقاع المجري‏,‏ وفرق الكثافة بين الماءين العذب والمالح‏..‏
وفي حالة الأنهار ذات التدفق العالي للماء‏,‏ أو عند فيضاناتها يكون التدفق الطافي للماء العذب فوق سطح الماء المالح هو السمة الغالبة لتدفق ماء تلك الأنهار‏;‏ ويزداد الاحتكاك برسوبيات القاع مما يؤدي إلي تجمع كم هائل من الرسوبيات أمام مصب النهر علي هيئة سدود نهرية مستقيمة وموازية لمجري النهر تحت الماء في منطقة المصب‏,‏ تحيط بالماء العذب من الجهتين فاصلة إياه عن الماء المالح فتعينه بذلك علي مزيد من الاندفاع في داخل البحر‏..‏
كذلك تبني الرسوبيات سدا هائلا في مواجهة مجري النهر يعرف باسم حاجز توزيع الماء في مصب النهر‏ (
Distributary-MouthBar)‏
يتراوح عرضه بين أربعة وستة أضعاف عرض مجري النهر‏;‏ وهذا الحاجز يفصل الماء قليل الملوحة ‏(‏ المتكون نتيجة لمزج جزء من ماء النهر العذب مع ماء البحر الملح‏)‏ عن الماء العذب ‏.‏ ويتكرر تكون أمثال هذا الحاجز عدة مرات علي مسافات متباعدة من مصب النهر حتي تتكون منطقة تعرف باسم منطقة توزيع ماء النهر تعمل علي مزيد من الفصل بين الأنواع الثلاثة من الماء الموجود في مصبات الأنهار وهي‏:‏ الماء العذب‏,‏ والماء قليل الملوحة‏,‏ والماء الملح‏..‏
وعلي ذلك فإن جميع النظم النهرية التي تصب في بحار تتميز بتداخلات معقدة بين كل من العمليات النهرية والبحرية‏,‏ منها عمليات المد والجزر‏,‏ التي تعمل علي اختلاط الماءين مكونة ماء متوسط الملوحة يفصل بين هذين الماءين خاصة في حالة التدفقات النهرية الضعيفة‏,‏ وتزداد عمليات الخلط بين ماء النهر وماء البحر كلما توغلنا في داخل البحر حتي يتحول الماء إلي الطبيعة البحرية الكاملة تاركا وراءه مراحل من الماء القليل الملوحة تعمل كفاصل بين الماءين‏.‏
كذلك تساعد عمليات المد والجزر علي تجميع الرسوبيات التي يلقي بها النهر علي هيئة حواجز رسوبية علي مسافات من مصب النهر‏,‏ ومتصلة بفم النهر بواسطة حواجز طولية موازية لاتجاه تدفق النهر تحول دون امتزاج مائه بماء البحر‏..‏
وفي الحالات التي يسود فيها دور عمليات المد والجزر سيادة واضحة يلاحظ أن مجري النهر يتسع عند مصبه اتساعا كبيرا علي هيئة الدلتا التي تعترضها تلال من رسوبيات النهر تعمل كذلك علي عزل مائه عن ماء البحر‏..‏
وهذه الحواجز الرسوبية الطولية والهلالية الشكل المعترضة لمجري النهر‏,‏ وكذلك الشرف النهرية الموازية لمجراه والمندفعة من فم النهر إلي داخل البحر تساعد كلها علي عزل ماء النهر العذب عن ماء البحر المحيط لأطول فترة ممكنة‏,‏ ثم يتكون بينهما نطاق من الماء قليل الملوحة يزيد من عملية الفصل تلك‏ .‏
وكل من الماء العذب والماء المالح له من صفاته الطبيعية والكيميائية ما يمكنه من البقاء منفصلا انفصالا كاملا عن الآخر علي الرغم من التقاء حدودهما عند مصب النهر‏,‏ وذلك بتكوين برزخ من الرسوبيات أمام فوهة النهر ومن حوله‏,‏ ويؤدي ذلك إلي تفرع الماء العذب إلي فرعين أو فروع من حوله‏,‏ يتدفق منهما أو منها الماء العذب مكونا طبقة رقيقة طافية فوق الماء الملح‏,‏ وتختلط به عند حوافها مكونة حزاما من الماء قليل الملوحة وذلك بفعل تيارات المد والجزر‏,‏ والتيارات والأمواج البحرية المختلفة‏,‏ ويعمل هذا الحزام من الماء القليل الملوحة علي مزيد من الفصل بين المائين العذب والملح‏,‏
ولكل بيئة من هذه البيئات الثلاث‏(‏ الماء العذب‏,‏ والماء قليل الملوحة والماء الملح‏)‏ أنواع خاصة من أنواع الأحياء المائية المحدودة بحدود بيئتها‏,‏ وأنواع خاصة من الرسوبيات التي تترسب منها‏,‏ وبذلك تكون أنواع الحياة في الماء القليل الملوحة مقصورة علي تلك البيئة‏,‏ ومحجورة فيها‏,‏ أي لا تستطيع الخروج منها وإلا هلكت‏,‏ كما أن كل مجموعة من أنواع الحياة في البيئتين الأخريين لاتستطيع دخول الماء القليل الملوحة وإلا هلكت‏,‏ فيما عدا أعداد قليلة جدا منها تستطيع العبور فيها دون بقاء طويل‏,‏ ومن هنا كان هذا الماء القليل الملوحة حجرا علي الحياة الخاصة به‏,‏ ومحجورا علي الحياة في البيئتين الأخريين من حوله‏.‏
وهذه حقائق لم يدركها الإنسان إلا في العقـود المتأخرة من القرن العشرين‏,‏ وورودها في كتاب الله الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة‏,‏ مما يقطع بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ ويجزم بنبوة هذا النبي الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)..‏ فسبحان الذي أنزل قوله الحق‏:‏
) وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ( [الفرقان : 53]
وَقَالَ تَعَالَى :
) وَمَا يَسْتَوِي البَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيَّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( [فاطر : 12]
. ‏
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا‏..‏
المصدر :
من أسرار القرآن .
الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية
‏بقلم‏:‏ د‏.‏ زغـلول النجـار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو يوسف
المدير العام
المدير العام



عدد الرسائل : 28
تاريخ التسجيل : 25/12/2009

بطاقة الشخصية
مزاجي: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ( [الرحمن : 19] Empty
مُساهمةموضوع: رد: ) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ( [الرحمن : 19]   ) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ( [الرحمن : 19] Empty22/02/10, 11:08 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
) مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ( [الرحمن : 19]
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» محمد بن صالح بن محمد بن سليمان بن عبد الرحمن العثيمين
» قرآن الرحمن أم الغناء قرآن الشيطان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
وتعاونوا على البر والتقوى :: اسلاميات :: واحة القرءان الكريم :: الأعجاز العلمي في القرءان الكريم-
انتقل الى: